الاثنين، 10 فبراير 2014

جوزف حرب .. وترجل فارس الأرض وفحلُها .
ــــــــــــــــــــــــــ 
إن توحُد الشاعرُ مع العالم المحيط به , ومنح هذا العالم دهشته ورؤاه وحلمه وفتنتهُ , يجعله يحتضن هذا الوجود 
" بالشهوة والجنون والرؤيا " ..
.. وحده "جوزف حرب " , قال إن هذه الدنيا بامتدادها ورقةٌ ناصعٌ بياضُها تسرُ الناظرين , ولكنها ليست للكتابة , بل للإفتتان بها , فمن راودها عن نفسها فسيفاجأ "بالإنكسار , والممحاة والبَري المؤدي للنهاية " ..
إن الحياة لديه تُملأ , لكن السُبل المؤدية لارتوائها "سرابٌ وعطش" .
^ " قايد الحربي " . 
ــــــــــــــــــــــــ 
في المعبدُ الكُحلي راقصةٌ , مَتَـى 
نادت إليها العاشقينَ تُزارُ .
تَخفَى عليكَ , ففوقها ليلٌ , فإن 
رفعتهُ , ماجَ بِمُقلتيكَ نهارُ .
مابينَ قنديلينِ من ذهبٍ , لها 
خصرٌ يُوقعُ رقصهُ المزمارُ .
وكؤسُ حِبرٍ , عُتقت بدواتِها 
إلا على الشُعراءِ ليسَ تُدار .
ــــــــــــــــــــــ 
لبيروت من قلبي سلامٌ لبيروت 
وقُبلٌ للبحرِ والبيوت لصخرةٍ كأنها وجهُ بحارٍ قديمِ
هي من روحِ الشعب خمرٌ 
هي من عرقِهِ خبزٌ و ياسمين 
فكيف صار طعمها طعم نارٍ و دخانِ
لبيروت مجدٌ من رمادٍ لبيروت 
من دمٍ لولدٍ حُملَ فوق يدها أطفأت مدينتي قنديلها
أغلقت بابها أصبحت في السماء وحدها 
وحدها و ليلُ .
أنتِ لي أنتِ لي أهٍ عانقيني 
أنتِ لي رايتي و حجرُ الغدِ و موج سفرٍ
أزهرت جراح شعبي أزهرت 
دمعة الأمهات 
أنتِ بيروت لي أنتِ لي أهٍ عانقيني .
ــــــــــــــــ 
لا تمنعُ الحدادَ وقفتهُ أمامَ 
الكير مُلتهباً بهِ 
حتى المساء 
مِن أن يطالبَ كالجميع بحقهِ 
في الدفئِ
أيامُ الشتاء 
ــــــــــــــــــ 
لا دورَ للشعراءِ إلا 
أنهم 
قد أشعلوا الفانوس , 
كي يُخرِجوا الكلِماتِ 
نحو شموسها 
مِن عَتمةِ القاموس 
ــــــــــــــــــ 
للقصرِ سيدةٌ تجاوزَ عُمرها زمَن 
اكتشافِ النار . ضاجَعها جميعُ المجرمين 
مِن الملوكِ , إلى الغُزاةِ ,
وكُلَ تُجارِ العصور 
وأنجبَت فِتناً , مجاعات 
خرائب 
ضمها الفِرعونُ حتى أنجبت نيلاً 
مِن القتلى بِمِصر . وانتشت بسريرِ ذي القرنينِ حتى 
أنجبت آلامَ آثينا . ولفت نارَ فخذيها على نيرونَ 
حتى أنجبت بين السيوفِ حريقَ روما . وارتوت في 
ليلِها من خمرِ قامةِ دبشليم , وأنجبت في الهندِ 
أكواخَ الجياعِ . ونامَ هولاكو على أجراسِ نهدَيها , فأدركها 
المخاضُ على الفراتِ , وأنجبت غرقَى مِن الكُتبِ الثمينةِ .
عانقت شفتي يزيدٍ في دمشقَ , فأنجبت عطشَ الحُسينِ 
بِكربلاءَ . وعندما عَرِيَت لِقيصرَ أنجبت فُقراءَ روسيا . ولما قَبَلت 
بينَ الرمادِ صليبَ هِتلرِ أنجبت هذي الجنازةَ 
فوقَ راحاتِ الشعوبِ , وكُل هذا الليلِ يرجعُ يعدَ موت الشمس .
ــــــــــــــــــــ 
الريحُ السَكرى باردةٌ في الخارجِ 
والناسُ نيام 
والفجرُ امرأةٌ تَبكي , عِند جدارٍ 
مُنتظر تنفيذَ كِلاب السُلطةِ في يافا 
حُكم الإعدام 
ـــــــــــــــــــ 
ولي لُغةٌ من نساءٍ يُقلبُها الشاعرُ 
الريحُ في , نُصُوصاً مِن السَحرِ والشهوات . ومِن بَعدُ , 
ما هِيَ إلا 
حروف 
ــــــــــــــــــــ 
لَمت دواةُ الشمسِ كُلَ حُروفِها 
البيضِ التي وقعت عَلى وَرَقِ التُرابِ , وحَيَكت مِنها 
رِداءً , ثُم نامت 
وتَغطت بالكَلام .
ــــــــــــــــــ 
جاءَ
الغياب
لا تفتحُوا هذا الترابَ لكي 
يُعانقني . فإن لم تعرفوا , 
عَرَفَ السحاب 
أني أتيتُ كما أتيتُم . غيرَ 
أني لن أعُودَ 
إلى التُراب 
ـــــــــــــــــــــ 
لما عالباب يا حبيبي منتودع
بيكون الضو بعدو شي عم يطلع
بوقف طلع فيك و ما بقدر أحكيك
وبخاف تودعني و تفل و ما ترجع
ـــــــــــــــــــ

الخميس، 21 نوفمبر 2013

فجأة


فجأة وجهت لي صفعة من القدر بشكل عبثي عن غير قصد , بلفتها نظري إلى حقيقة غابت عني كغياب هذا العمر في متاهة الحياة ..
فجأة أحسست للحظات كم سُرق مني عمري , وفجأة أحسست كم كرهي للحياة وللناس ولكل ما حولي ..

قالت ضاحكة ببراءة : " معقولة عمرك هذا وللآن .. " , كانت هذه الكلمات كافية لتدور بي الأرض وبما حولي .. 

نعم فجأة تذكرت أنني لأكثر من نصف عمري وأنا أعيش في ظلمات ثلاث !.. 
فجأة أصبح كل شيء صامت , لا إحساس ولا معنى فقط الصمت الرهيب . صمت كل شيء حولي , لم أعد أحس بشيء من حولي كمن فقد كل حواسه الخمس .

فجأة أكتشفت أنني و"سيزيف" متشابهان كأننا وجهان لعملة واحدة , هو يدفع صخرته الكروية لأعلى قمة الجبل فتسقط متدحرجة ويعود بلا ملل أو كلل لدفعها للأعلى مرة أخرى متحديا كل شيء حتى القدر وظروف الطبيعة .
الفرق الوحيد بيننا أنني هنا أنا الكرة التي تتدحرج ساقطة كل مرة لأنتفض صعودا إلى أعلى قمة جبل الحياة في انتظار الضربة القادمة .

هكذا سُرق عمري سقوط مستمر للأسفل وصعود متكرر للأعلى في إنتظار الضربة القاضية التي تجعلني أتلاشى من الوجود المحتوم . 
 يتغير كل شيء من حولي , تدب الحياة في مكان وتتلاشى في آخر , وأنا مازلت في سقوط وصعود متكرر , كدوامة مقدرة لا متناهية من التكرار والحدوث . 

كلماتها العبثية كانت كافية لسقوط من نوع مدوي , سقوط لايمكن نسيانه هذه المرة . كان الأجدر بها التلطف في إختيار طعنات كلماتها المؤلمة , " كلماتها العبثية " أفقدتني كل شيء أوعلى الأقل ما تبقى لدي من الظلمات .


فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ " , ليتها صمتت قبل اليوم ! . 

الثلاثاء، 5 نوفمبر 2013

المقاعد الخالية

  


" المقاعد الخالية " تَحسُ بي . تحسُ بوجعي وفرحي .

هيَ مَنْ إحتظنَ أولَ لقاءٍ لي " بها " وآخِرُ لقاء , هيَ مَنْ كانت شريكُ أحلامُنا وفرحنُا وآهاتنُا .


هيَ مَنْ تستقبلنا بحضنٍ باكي مشاركاً لنا في حُزننا , وهي مَنْ تفرحُ مَعنا في كُلِ موجةَ ضَحكٍ عارمٍ تنتابُنا .


ليست " مقاعدٌ خالية " بالنسبةِ لي , ها أنا أراها هُناك تماماً عَلىَ آخرِ مَقعدْ ناظرةٌ إلىَ السماءِ داعيةً بأن لا يكونَ قد أصابني مكروهاً .


جالسةٌ تحتضنُ نفسَها مِنْ زمهريرِ البردِ القارس دامعةً في شوقٍ إليَ متلهفةً لبروزَ هالتي مِنَ البعيدِ بَعد طولِ إنتظار .


هيَ شريكُنا في أسرارُنا وأفراحنا , وهيَ مَنْ يُشاركُنا لحظاتِنا الحميمة , هيَ نفسُهَا " المقاعدُ الخالية " .


في " المقعدِ الأوسط " إحتظنتني لأول مرة وقالت : " أُُحبُكَ حدَ الجنون أيُها المجنون " .


وفي " أولِ مَقعدٍ " هُنا تعرفتُ عَليهَا وكانت " كالهبةِ " التي لا تُقدر بثمنٍ بالنسبةِ لي , هِبةًُ مَنحنتي حياةٌ أُخرى بَعدَ إنقطاعُ الرجاءِ .


هُنا أمضيتُ مَعهَا أولَ لقاءٍ لنا , ولَمْ أُصدقَ عِندَ وصولي إلى منزلي أني أمضيتُ مَعهَا " إثنا عشر ساعة " متواصلة ! .

لَمْ يَملُ أحدُنا الآخر , كُنا نتحدثُ ونضحكُ كالمجانين , كُنا كَمن ينتظرُ أحدُنا الآخر طوالَ هذهِ السنوات التي مَضت ليُفرغَ أسرارهُ وأوجاعهُ في قلبِ الآخرِ دُفعةً واحدة , ليستريحَ مِنْ عَناءَ حَملُُها وحيداً .

وهُناكَ في " المقعدِ الثالث " أولُ جَرحٌ أصابني مِنهَا , هُناكَ جلستُ أُكابدُ إنهمارُ دمعيَ كرجلٍ إعتادَ الصُمودَ في وجهِ صَدمات الحياة . هُناكَ ضَاقت أنفاسي وضاقت عَليَ الأرضُ بمَا رحُبتْ . 
هُناكَ عَلى ذاكَ المقعدُ المشؤم قالت لي : " يبدو أني أخطأتُ بتقبُلكَ وإقحَامِكَ في حياتي , ويبدو أني كُنتُ مُستعجلةً في إتخاذ القرار بأن أُحِبُكَ " ! .


" أخطأت " ! بَعدَ كُلَ هذا الصُمود في وجهِ الحُبِ وبَعدَ كُلَ هذا العُمرَ يبدو أنها " أخطأت " في إختياري ! .

بَعدَ كُلَ هذهِ المشاعرُ وبَعدَ كُلَ جُنونَ الحُبِ الخالص " أخطأت " ! .


كُنتُ أغارُ عَليهَا حتى مِنَ " المقاعدِ الخالية " ذاتُها , كُنتُ أودُ أن أحمِلُهَا بَينَ ذِراعيَ وأطيرُ بها فرحاً وأن لا تطأ أقدامُنا الأرض , وهيَ ببساطة " أخطأت" .


ومِنْ ذالكَ " المقعدُ الخامس " رحلت وقالت : " وداعاً - بعينٍ مِلئوها الدُموعَ - لا أعتقدُ أننا سنتاقبلُ مرةً أُخرى ! " .


وأنا لًمْ أزل آتي كُلَ يومٍ لأعيشَ مَعَ " المقاعدُ الخالية " ذكرياتُ أجملَ حُبٍ وهبتني أياهُ السماء . ولي في كُلِ " مقعدٍ خالٍ " ذِكرى مَا مِنهَا .


وعند " المقعدُ الرابع " أتذكرُ عَبقَ عِطرُها الـ " gucci ruch " , الذي يُصيبُني بالإثارةِ كلما أقتربتُ مِنهَا . أتذكرُ كُلَ هَذا أنا و" المقاعدُ الخالية " .


أتذكرُ وأعيشُ عَلىَ ذِكرَاها أولَ قصيدةِ حُب قالتها لي ونحنُ جالسان على " المقعدُ السادس " , وضِحكاتُها المُتشنجةُ بَعدَ رَدتَ فِعلي وتعليقاتي الساخِرةَ عَلىَ شِعرُها الذي بَدا لي ككلمات كتبتها فتاة مراهقة في الرابعة عشر من عمرها لا إمرأة ناضجة .


لم يبقى لي في حياتي للأسف سوى ذكرى حُبٍ مجنون و" مقاعدٌ خالية " ! .







الجمعة، 18 أكتوبر 2013

السياسة والحب

 

 أشعر بتيارٍ من الإثارةِ يسري في "جسمي وعروقي" , عندما أحاصرُها , لترضخَ لغروري "الكازانوفي" المزعوم . 
 **
اعترفت لي بشكلٍ غير مباشر بدهائي في "حبك " خيوط الرغبة حولها , فلا أراها إلا وقد " نَقَضَتْ " كل هذه الخيوط , وجعلتها " أَنْكَاثًا" , بدلالٍ قل له نظير , ودهاء "الحريم" المكين , بقولها "ربما" . 
**
" ربما توافق وربما لا , ربما تحبني وربما لا " ربما و ربما . تيار من الأفكار "المتناقضة" تجعلني في حيرةٍ من أمري .
 **
النساءُ دوماً لا يعترفن بالحقيقةِ لمن يحببن إلا عندما يتهاوى صرحُ هذا الحبْ . أو تتهاوى آخر معاقل قلوبهن . وبعدَ فوات ِالأوان للأسف .
 **
يتمسكنَ بعنفوانِ "كبريائهن" , لآخرِ لحظةَ أمل في "الحب" . وعندما "ترحل" يبدئنَ في النحيبِ على "الحبيب" المفارق .
 **
كما قال "روسو" تماماً : ( عالم العاشقين ليس أقل واقعية من عالم السياسة , ليس أقل واقعية ولا اقل مأساوية ) .
**  
   

الأربعاء، 16 أكتوبر 2013

رجم الألم ..


هي كما قال أدونيس :

 " رأسُها أمطارٌ وعواصف _ لكن جسدها بحارٌ من العطش " .
 
إنها ببساطة مختلفة عن كل من عرفت من الناس ..

 أعجبني فيها "عدم تناقضها" ..

 في بوحها "الشحيح" كما أمام الناس , "لاتسطنع المثالية" .

 متأقلمة مع حياتها وواقعها "المؤلم" . 

*

قرأتُ كتاب حياتها في عينيها, فهي مليئة "بالأسرار الموجعة". 
  
رغم حبها للحياة بشكلٍ جنوني ..

 تحب أن تفرح ولو للحظات . محاولةً "فك القيود" التي تحيط 

بها "كإمرأةً شرقية" . 

*

كم هو مؤلم "بوحها عن الحب" , تود لو أنها "تُحب وتعشقْ"  

ولكنَ في القلبِ " كمدً وغصة " ..

 تجارب "مؤلمة" من الصعب تجنبها ونسيانها بسهولة ..

 كل ما تبحث عنه " رجم الألم " ..

 والسير في "طريق الفرح" دونما أيُ منغصات . 

*

"حاصرتها" بكل ما أملك من "دهاء رجلٍ خبيث متمرس" , 

لتقول لي معترفة بكلمة واحدة واحدة فقط ..

 "نعم أحبك" . 

وياللأسف بائت كل "حيلي" بالفشل المرير ..

 يبدو أن "القيد أقوى من معصمها الضعيف" فهو كالقدر . 

*
أفقتُ على حقيقة لم تظهر لي سابقاً ,

 إنها "أذكى مما توقعت" , هي هكذا ..

" تصبُ زيتَ الرغبةِ على نار العشق " ,

 لتزيدني لهيباً ولظى . 

وتنسحب "بأدبٍ جم" و"ابتسامةٍ فاتنة" , وكأنها تقول لي :

" احترق كما احترقتُ من نار الحب اللعينة " . 

*
خيرتها بين "الحب أو الفراق" , فاختارت حلٌ وسط

" أن تذهبَ للنومِ" هرباً من "العشق" والتفكير فيه ,

 مبتسمة شامتة وهي تشاهدني "أكتوي بحرارة انتظار قرارها"  

لم تجب "بنعم أو لا " , كل ما قالته " إلى اللقاء " ! .

فاتنة ..



كما هي عادتي وبعد رحيل الساهرين على شاطئ هذا البحر الحزين "كحزني" , في مكاني المفضل ..

 أنظر بعين متأملة طلوع أشعة الشمس وانتشارها على سطحه "الأزرق" .

 ولم يطول وقوفي حتى حياني بتحيته "المزمجرة الأمواج " مخاطبني كعاشقين متوحدين في ذاتٍ واحدة . 
*
ضحكات متعالية من القريب , لم أهتم كالعادة رغبةً في "هذا التوحد مع هذا المحب الغامض" ..

هي التفاتة واحدة قلبت كل شيء في كياني , إنها هيَ ! يا إلاهي وكأني رأيتها بالأمس فقط , لم تتغير كثيراً رغم ما تبدو عليه من "حزنٍ دفين " .

 تنظر للبحرِ تارة ولرجلٍ كان جالساً بجوارها يهم بالرحيل مع بقية الجالسين تارة أخرى . 
*
ما أروع هذه "الطلةُ الملائكية" , جالسةٌ على كرسيها "كقطعة من الزمرد الأخضر" نُحتت بطريقةٍ عجائبية ..

 تزوي مرارا بين حاجبيها المستقيمان , واللذان يشكلان مع أنفها
 "نسراً محلقاً في الهواء فارداً جناحيه " . 

لم أشعر لشدة استغراقي في " تأملها واستباحة مفاتنها المثيرة " , أنها تنظر ألي متعجبة من هذه الجرأة والوقاحة في التحديق أليها هكذا .

نعم لم أتاملك نفسي تجاه هذه المرأة المرهفة , التي "تُغير جمال المكان" ما إن تطأ قدماها فيه .
*
أشارت بيديها , اشارةً لم أفهم مغزاها , وكأنها تدعوني للأقتراب والجلوس معها بعد أن أصبحت وحيدة , وبعد لحظات من التفكر قررت الإقتراب منها والتحدث إليها ..

وما إن هممت بالتحرك نحوها حتى زمجر البحر بأمواجه العاتية مرة أخرى , غيرةً منها ومن أخذها " أحد عشاقه المخلصين ". 
*
أهلا قالتها بصوتها الناعم الحزين " أنا فاتنة", ألم نلتقي قبلاً في مكان ما ؟
نعم في ذالك المقهى في آخر هذا الطريق كنت تجلسين وحدكِ تقرأين في أحد الزواية كعادتكِ دائما .  

نعم صحيح تذكرتك , ولكن ما سر هذه النظرات المتكررة منك نحوي ؟ لا أعلم , ربما سرٌ غريب جذبني أليكِ .

 زمت شفتيها الورديتان الممتلئتان , وأخذت تحدثني عن عشقها للبحر , يا ألهي " ما أكثر عشاقك " أيها البحر . 

هي تحدثني وأنا أرتوي من هذا الجمال الساحر , وبين الحين والآخر أرى نظرة استفهام مبهمة في عينيها ! .

تبدو أجمل كثيراً من قريب , ويالروعة هذا "الخال" تحت عينيها اليمنى , كأنه أثر قبلةٍ ممنوحةً من القدر . 

*
تجاذبنا أطراف الحديث , اكتشفنا أننا متشابهان لحدٍ بعيد , "وحدتنا غربتنا وعشقنا للبحر"..

 متشابهان في كل شيء , سرعان ما انسجمنا في ودٍ لا يعرف مداه إلا الله .
 رَنّ هاتفها الجوال وأخذت في الرد مبتسمة , هي تبتسم وكياني يذوب وينصهر من الداخل ,

 " لم أرى في حياتي أجمل من هذا المنظر " , تمنيت أن لا ينتهي حديثها وابتسامتها الساحرة .

*
حسناً لقد تأخر الوقت وجب علي الذهاب , "تذهبين وأنا" ,

هل سنلتقي مجدداً , "لن أتركك وحيدة أبداً" .

لماذا لا ترد علي , فيما أنت شارد الذهن صامت ؟ .

هي متُحفظة ..




هي مُتحفظة ولكن ..

سرعان ما انهارت "دفاعات قلبها الصلبة " , مع سريان كلماته 

" اللاسعة اللزجة والصلبة أحياناً " ..

" الفاسقةُ في مغزاها " , المغلفةُ بشيءٍ من

" الإحتمالات المفتوحة " .

*
كيف استطاع " بمكره الخبيث " , أن يستدرجها إلى أرضهِ , 

ويغزو عقلها وقلبها في آنٍ معاً ..

وهي اللتي ظلت " صامدة " في وجه أيُ رياحٍ عاتية 

" تأتي من جهة الحب " . 

*
كانت " تائهة ممزقة " بين شلال كلماته العذبة ..

 وما اختلج في نفسها من " نوازعٍ مُشتة ".

*
أيُ شيطانٍ هذا اللذي .. جعلني في حيرةٍ بين

 " الهروب أو البقاء " , 

تحت رحمة هذا الشعور من

 " الصدمة " ..

هل من الممكن أن يفعل بي كل هذا , ببضع كلمات ؟ ! .

*
لحظات من الوقت مسروقة ,

جعلت كل خبايا أفكارها تظهر

على " قسمات وجهها الطفولي " ..

 وفي ارتعاشات " بدنها الخائف البارد " .

*
قررت الهروب " كحلٍ وسط ومؤقت " ..

 كي لا تخسر ما تبقى لها " من ذاتها " ..

 التي طالما ظنت , أنها قوية ومتماسكة . 

ولكنها فوجئت بهذا " الإنهيار المروع " ..

 " لمشاعرها الصاخبة " المُخبئة تحت

" جُنحٍ من المثاليات " الكاذبة " .

*
قررت ولكني مازلتُ أتسائل : هل تَبقى لها شيء لـ" تعود " ؟ !