الجمعة، 18 أكتوبر 2013

السياسة والحب

 

 أشعر بتيارٍ من الإثارةِ يسري في "جسمي وعروقي" , عندما أحاصرُها , لترضخَ لغروري "الكازانوفي" المزعوم . 
 **
اعترفت لي بشكلٍ غير مباشر بدهائي في "حبك " خيوط الرغبة حولها , فلا أراها إلا وقد " نَقَضَتْ " كل هذه الخيوط , وجعلتها " أَنْكَاثًا" , بدلالٍ قل له نظير , ودهاء "الحريم" المكين , بقولها "ربما" . 
**
" ربما توافق وربما لا , ربما تحبني وربما لا " ربما و ربما . تيار من الأفكار "المتناقضة" تجعلني في حيرةٍ من أمري .
 **
النساءُ دوماً لا يعترفن بالحقيقةِ لمن يحببن إلا عندما يتهاوى صرحُ هذا الحبْ . أو تتهاوى آخر معاقل قلوبهن . وبعدَ فوات ِالأوان للأسف .
 **
يتمسكنَ بعنفوانِ "كبريائهن" , لآخرِ لحظةَ أمل في "الحب" . وعندما "ترحل" يبدئنَ في النحيبِ على "الحبيب" المفارق .
 **
كما قال "روسو" تماماً : ( عالم العاشقين ليس أقل واقعية من عالم السياسة , ليس أقل واقعية ولا اقل مأساوية ) .
**  
   

الأربعاء، 16 أكتوبر 2013

رجم الألم ..


هي كما قال أدونيس :

 " رأسُها أمطارٌ وعواصف _ لكن جسدها بحارٌ من العطش " .
 
إنها ببساطة مختلفة عن كل من عرفت من الناس ..

 أعجبني فيها "عدم تناقضها" ..

 في بوحها "الشحيح" كما أمام الناس , "لاتسطنع المثالية" .

 متأقلمة مع حياتها وواقعها "المؤلم" . 

*

قرأتُ كتاب حياتها في عينيها, فهي مليئة "بالأسرار الموجعة". 
  
رغم حبها للحياة بشكلٍ جنوني ..

 تحب أن تفرح ولو للحظات . محاولةً "فك القيود" التي تحيط 

بها "كإمرأةً شرقية" . 

*

كم هو مؤلم "بوحها عن الحب" , تود لو أنها "تُحب وتعشقْ"  

ولكنَ في القلبِ " كمدً وغصة " ..

 تجارب "مؤلمة" من الصعب تجنبها ونسيانها بسهولة ..

 كل ما تبحث عنه " رجم الألم " ..

 والسير في "طريق الفرح" دونما أيُ منغصات . 

*

"حاصرتها" بكل ما أملك من "دهاء رجلٍ خبيث متمرس" , 

لتقول لي معترفة بكلمة واحدة واحدة فقط ..

 "نعم أحبك" . 

وياللأسف بائت كل "حيلي" بالفشل المرير ..

 يبدو أن "القيد أقوى من معصمها الضعيف" فهو كالقدر . 

*
أفقتُ على حقيقة لم تظهر لي سابقاً ,

 إنها "أذكى مما توقعت" , هي هكذا ..

" تصبُ زيتَ الرغبةِ على نار العشق " ,

 لتزيدني لهيباً ولظى . 

وتنسحب "بأدبٍ جم" و"ابتسامةٍ فاتنة" , وكأنها تقول لي :

" احترق كما احترقتُ من نار الحب اللعينة " . 

*
خيرتها بين "الحب أو الفراق" , فاختارت حلٌ وسط

" أن تذهبَ للنومِ" هرباً من "العشق" والتفكير فيه ,

 مبتسمة شامتة وهي تشاهدني "أكتوي بحرارة انتظار قرارها"  

لم تجب "بنعم أو لا " , كل ما قالته " إلى اللقاء " ! .

فاتنة ..



كما هي عادتي وبعد رحيل الساهرين على شاطئ هذا البحر الحزين "كحزني" , في مكاني المفضل ..

 أنظر بعين متأملة طلوع أشعة الشمس وانتشارها على سطحه "الأزرق" .

 ولم يطول وقوفي حتى حياني بتحيته "المزمجرة الأمواج " مخاطبني كعاشقين متوحدين في ذاتٍ واحدة . 
*
ضحكات متعالية من القريب , لم أهتم كالعادة رغبةً في "هذا التوحد مع هذا المحب الغامض" ..

هي التفاتة واحدة قلبت كل شيء في كياني , إنها هيَ ! يا إلاهي وكأني رأيتها بالأمس فقط , لم تتغير كثيراً رغم ما تبدو عليه من "حزنٍ دفين " .

 تنظر للبحرِ تارة ولرجلٍ كان جالساً بجوارها يهم بالرحيل مع بقية الجالسين تارة أخرى . 
*
ما أروع هذه "الطلةُ الملائكية" , جالسةٌ على كرسيها "كقطعة من الزمرد الأخضر" نُحتت بطريقةٍ عجائبية ..

 تزوي مرارا بين حاجبيها المستقيمان , واللذان يشكلان مع أنفها
 "نسراً محلقاً في الهواء فارداً جناحيه " . 

لم أشعر لشدة استغراقي في " تأملها واستباحة مفاتنها المثيرة " , أنها تنظر ألي متعجبة من هذه الجرأة والوقاحة في التحديق أليها هكذا .

نعم لم أتاملك نفسي تجاه هذه المرأة المرهفة , التي "تُغير جمال المكان" ما إن تطأ قدماها فيه .
*
أشارت بيديها , اشارةً لم أفهم مغزاها , وكأنها تدعوني للأقتراب والجلوس معها بعد أن أصبحت وحيدة , وبعد لحظات من التفكر قررت الإقتراب منها والتحدث إليها ..

وما إن هممت بالتحرك نحوها حتى زمجر البحر بأمواجه العاتية مرة أخرى , غيرةً منها ومن أخذها " أحد عشاقه المخلصين ". 
*
أهلا قالتها بصوتها الناعم الحزين " أنا فاتنة", ألم نلتقي قبلاً في مكان ما ؟
نعم في ذالك المقهى في آخر هذا الطريق كنت تجلسين وحدكِ تقرأين في أحد الزواية كعادتكِ دائما .  

نعم صحيح تذكرتك , ولكن ما سر هذه النظرات المتكررة منك نحوي ؟ لا أعلم , ربما سرٌ غريب جذبني أليكِ .

 زمت شفتيها الورديتان الممتلئتان , وأخذت تحدثني عن عشقها للبحر , يا ألهي " ما أكثر عشاقك " أيها البحر . 

هي تحدثني وأنا أرتوي من هذا الجمال الساحر , وبين الحين والآخر أرى نظرة استفهام مبهمة في عينيها ! .

تبدو أجمل كثيراً من قريب , ويالروعة هذا "الخال" تحت عينيها اليمنى , كأنه أثر قبلةٍ ممنوحةً من القدر . 

*
تجاذبنا أطراف الحديث , اكتشفنا أننا متشابهان لحدٍ بعيد , "وحدتنا غربتنا وعشقنا للبحر"..

 متشابهان في كل شيء , سرعان ما انسجمنا في ودٍ لا يعرف مداه إلا الله .
 رَنّ هاتفها الجوال وأخذت في الرد مبتسمة , هي تبتسم وكياني يذوب وينصهر من الداخل ,

 " لم أرى في حياتي أجمل من هذا المنظر " , تمنيت أن لا ينتهي حديثها وابتسامتها الساحرة .

*
حسناً لقد تأخر الوقت وجب علي الذهاب , "تذهبين وأنا" ,

هل سنلتقي مجدداً , "لن أتركك وحيدة أبداً" .

لماذا لا ترد علي , فيما أنت شارد الذهن صامت ؟ .

هي متُحفظة ..




هي مُتحفظة ولكن ..

سرعان ما انهارت "دفاعات قلبها الصلبة " , مع سريان كلماته 

" اللاسعة اللزجة والصلبة أحياناً " ..

" الفاسقةُ في مغزاها " , المغلفةُ بشيءٍ من

" الإحتمالات المفتوحة " .

*
كيف استطاع " بمكره الخبيث " , أن يستدرجها إلى أرضهِ , 

ويغزو عقلها وقلبها في آنٍ معاً ..

وهي اللتي ظلت " صامدة " في وجه أيُ رياحٍ عاتية 

" تأتي من جهة الحب " . 

*
كانت " تائهة ممزقة " بين شلال كلماته العذبة ..

 وما اختلج في نفسها من " نوازعٍ مُشتة ".

*
أيُ شيطانٍ هذا اللذي .. جعلني في حيرةٍ بين

 " الهروب أو البقاء " , 

تحت رحمة هذا الشعور من

 " الصدمة " ..

هل من الممكن أن يفعل بي كل هذا , ببضع كلمات ؟ ! .

*
لحظات من الوقت مسروقة ,

جعلت كل خبايا أفكارها تظهر

على " قسمات وجهها الطفولي " ..

 وفي ارتعاشات " بدنها الخائف البارد " .

*
قررت الهروب " كحلٍ وسط ومؤقت " ..

 كي لا تخسر ما تبقى لها " من ذاتها " ..

 التي طالما ظنت , أنها قوية ومتماسكة . 

ولكنها فوجئت بهذا " الإنهيار المروع " ..

 " لمشاعرها الصاخبة " المُخبئة تحت

" جُنحٍ من المثاليات " الكاذبة " .

*
قررت ولكني مازلتُ أتسائل : هل تَبقى لها شيء لـ" تعود " ؟ ! 

لُلجة العشق



عاشت حياة مرفهة جداً ومدللة إلى أبعد حد ..

وكان " طُغيان أنوثتُها " للحد الذي ..

 يسلب عقول الناظرين أليها بشكلِ لافت ..

ولكن ماذا عنه هوَ , هوَ بالتحديدْ .

*
لم تَعتَدْ أن يرفضها أحدْ , أو أن يمانعَ رغباتها ولو كانت هذه  

  " الرغبات جدُ بسيطة " 

كرغبات " الأطفال الأبرياء "..

هي المدللة الأميرة التي لا يُرفض لها طلب .

*
زادها كمداً تهافت المتجمهرين حولها من الرجال

 لنيل ودها ورِضاها ..

سيـلٌ من المديح الزائف ..

والتملق لهدف واحد " نيلُ رضاها " ..

ولكن ماذا عنه هوَ ؟!

*
هوَ من أختارهُ قلبَها , وولعت به وبصمته المطبق

" كثمثالٍ من رخامٍ باردْ " ..

لماذا هو مختلفٌ عن البقية ؟!

لماذا لا استهويه كبقيةَ الرجال من حولي ؟! 

لماذا هو دائماً صامت ؟!

هل هو نوعاً آخر من الرجال لم أعرفه من قبل في حياتي ؟! 

أم أنه متبلدُ الأحاسيس , أهوَ من " الدراويش " ..

 اللذين لم يختبروا " لُجةَ العشق " 
من قبل ؟!

هناكَ سرٌ ما غامض فيه لا أعرفه ! .

*
أمنَ المعقولِ أن يكون ذاهلاً عني " بعشقٍ آخر " , لا أعلمه ؟! ..

أراهُ ساهداً وصامتاً بفكرهِ , لا تُحركه " كلماتي "

 مهما بلغت حِدةُ إثارتُها , ولا حتى 

نظراتي التي طالما سلبت ألباب العقول ! .. 

لا يَهُمْ , سأربح قلبه وعقله ذاتَ يوم , وسيكون لي وحدي ,

" وحدي أنا " , سأمتلكه 

مهما كان الثمن .

*
كان " يذوب صمتاً " , وهو يعلم بحبها له , ولكن أي حب هذا ؟!  
هو لم يعرف غير " الحب الغجري " , كل حب بالنسبة له

" مجرد نزوةٍ " أخرى ..

وهي أحبت " امتلاكه وروحه " معاً ..

" كأحد أشيائها " العزيزةُ على قلبها . 

لطاما كان يردد في "صمته " قول بوشكين :

( أكثرُ حريةً من طائر هو الحب ..

حاول أن تحبسهُ , فسوفَ يطيرُ مِنك ..

إنه يجيء ..

ثم وا أسفاه , يمضي إلى الأبد ..

مهما حاولتَ - مِراراً - أن تَستَبقِـيه ) .

أخت الشيطان


لماذا اندهاشُكِ ..

هذا ظلُ روحكِ المتسخة " بالشهوات القذرة " .

*
هذا الفرق بيننا " مرآتي طاهرة " نظيفة .. 

خالية من " النفاق المقيت " ..

ومن " مثالية كاذبة " .

أنا لست رجلاً " فاسد " ..

بل كما قال "شكري" .. 

" الرجل وحيداً قديس , ومع إمرأة شيطان " .

*
أينما تحِلُ روحكِ أشاعت " النجاسات " ..

يا " أخت الشيطان ".

حكمة ولو قرأتها هرطقة

تعلمت في هذه الحياة 



" أن العاشق " هو الشخص الوحيد الذي يلوذ بالصمت 


عندما تسأله عن العشق .


وتعلمت " أن الفيلسوف " هو الشخص الوحيد


الذي ينبغي أن لا نصدق مايقول .

وقفة مع كتاب "طبيعة الحياة" لفرانسيس كريك



قال تعالى (سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ [ فصلت/53 ] ) .
*****

يقول "كريك"
 : وهو الحائز على جائزة نوبل عام 1962م لإكتشافه "الشفرة الوراثية"

في كتابه "طبيعة الحياة" : 

( وبسبب حدوث هذا الإنفجار الكوني الأول استمر العالم منذ ذالك الوقت في الإتساع . أما استمراره في التمدد إلى مالا نهاية أو تباطؤه حتى يتوقف ويرتد على نفسه فيعتمد على ضخامته نفسها – فكما يسقط الحجر مرتدا إلى الأرض إذا ألقي به عاليا في الهواء , إلا إذا دفع به في سرعة يهرب بها تماما من الجاذبية فكذالك الكون , سيظل يتسع إلا إذا كانت كتلته من الضخامة بحيث توقف الجاذبية هذا التمدد في نهاية الأمر وتعكسه . فإذا كان الأمر كذالك ففي وقت ما في المستقبل البعيد سينهار هذا الكون على نفسه في واقعة مأساوية أخرى )

*
الوقفات هنا :

قال تعالى (الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ [ فاطر/1 ] ) ,   " والفطر هو الإبتداء من لا شيء " , وهو "الإختراع "على غير مثال .

تفسير الألوسي - (ج 16 / ص 340) : 

{ الحمد للَّهِ فَاطِرِ السماوات والارض } أي : موجدهما من غير مثال يحتذيه ولا قانون ينتحيه ، فالفطر الإبداع ،
وقال الراغب : هو إيجاده تعالى الشيء وإبداعه على هيئة مترشحة لفعل من الأفعال . آهـ .

( وهو الإنفجار الكوني الذي يتحدث عنه هذا المؤلف , فلم يكن هناك شيء وحدث هذا الإنفجار ) .

*

وأما ( اتساع الكون ) فقد أشار إليه القرآن في قوله عز وجل (وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ [ الذاريات/47 ] ) . 

تفسير ابن كثير - (ج 7 / ص 424) : 

{ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ } ، أي: قد وسعنا أرجاءها ورفعناها بغير عمد، حتى استقلت كما هي. آهـ .

*

واما ( نهاية الكون ) فقد أشار أليه القرآن في قوله تعالى ( يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ [ الأنبياء/104 ] ) . 

تفسير الألوسي - (ج 12 / ص 478) : 

( والطي ضد النشر ) ، وقيل : " الإفناء والإزالة " من قولك : أطو عني هذا الحديث .آهـ .

*

 وهناك وقفات كثيرة مع هذا الكتاب "طبيعة الحياة" . أحتفظ بها لنفسي . والكتاب مثير في عدة نقاط . 

رواية دون كيشوت لـ "سارفانتس"




من روائع الأدب العالمي والأسباني " دون كيشوت"
 لـ "سارفانتس" .

يقال إن الجيل الأول من الإسبان تلقى هذه الرواية بالضحك والفكاهة ..
والجيل الثاني تلقاها بالإبتسام , والجيل الثالث تلقاها "بالدموع". 
 
هي عن رجلٌ يرى كل شيء في الواقع على غير حقيقته و يسعى لتحقيق ما يراه .

ويتبعه شخص المرافق " سانشو " الحالم بأن يحقق له "دون كيشوت " أحلامه .

حقيقة هناك القليل من "الدونكيشوتية" في واقعنا المعاصر , والكثير من المرافقين "السانشوتيه" المؤمنون بأن أمثال هؤلاء سيحققون لهم أحلامهم .

أما الرواية في نظري أكثر من مجرد رواية رغم أن الرواية مسلية في طريقة سرد الأحداث ..

إلا أن هناك عبر ومغازي واسقاطات كثيرة في هذه الرواية ستجعلنا بكل تأكيد ننظر للعالم نظرة مختلفة وأعمق . 

الثقافة والحضارة


استغرق الجواب على مثل هذا السؤال لأحد المفكرين وهو " ولِ وايريل ديورانت " قرابة "الأربعين عاما" ليؤلف موسوعته الشهيرة " قصة الحضارة " في سبعة عشر مجلدا . 

أما "قولنا الحضارة جزء من الثقافة" فالعكس هو الصحيح "الثقافة هي جزء من الحضارة " .

 فتعريف الثقافة والحضارة ليس بالأمر اليسير . فهناك "عشرات التعريفات المتداخلة" .

 وكذالك هناك معاني عدة لمفردة "ثقافة" في اللغة العربية ومعاني عدة عند الغربيين "الأوروبيين والأمريكان" . 

إزاء هذه الأهمية الإجتماعية والعلمية "للثقافة" . حاول كثير من العلماء "الإجتماعين"منذ القرن الماضي وما زالوا يحاولون الوصول إلى تعريف أو تحديد "لمفهوم الثقافة" . 

وقد تستخدم لفظتي "ثقافة و حضارة" كمترادفتان في المعنى كما فعل "إدوارد تايلور " أحد أعلام "الإنثروبولوجيا" .

ويستخدم (الإنثروبولوجيين الأمريكان) مصطلح ( الإنثروبولوجيا الثقافية Cultural Anthropology) ليعني مجموع التخصصات التي تدرس النواحي الإجتماعية و الثقافية لحياة الإنسان بجانب دراسات أخرى مثل " الإركيولوجيا " وتختص بدراسة حضارات ما قبل التاريخ . و "علم اللغويات" ويختص بدراسة لغة الشعوب البدائية و اللهجات المحلية .
ــــــــ
* الثقافة *.
ـــــــــ
ولعل أقدم تعريف "للثقافة" وأكثرها انتشارا حتى الآن لقيمته التاريخية هو تعريف "إدوارد تايلور" الذي قدمه في أواخر القرن التاسع عشر في كتابه "الثقافة البدائية" .

 ويذهب فيه إلى ( أن الثقافة كل مركب يشتمل على المعرفة والمعتقدات والفنون والأخلاق والقانون والعرف وغير ذالك من الإمكانيات أو العادات التي يكتسبها الإنسان بإعتباره عضو في المجتمع ) . 

وهناك استخدام شائع بين الناس لكلمة "ثقافة" بمعنى الفنون والأداب والتثقف العام . ويشار عادة في اللغة العربية إلى المثقف بإعتباره شخصا نال قسطا من التهذيب والخلق والمعرفة والمكانة العلمية وهذا التعريف يختلف جوهريا عما يمكن تسميته "بالإستخدام الأنثروبولوجي" لهذه الكلمة فهنا يمثل مفهوما رئيسيا ومدخلا أساسيا في "دراسة علم الإنسان" . 

وهناك إتجاهين من التعريفات "للثقافة" يتنافسان في التفوق أحدهما ينظر "للثقافة" على أنها ( تتكون من القيم والمعتقدات والمعايير والتفسيرات العقلية والرموز والإيديولوجيات وما شاكلها من المنتجات العقلية ) . " أي مجالها العقل ". 

أما الآخر فيرى "الثقافة" على أنها ( تشير إلى النمط الكلي لحياة شعب ما . والعلاقات الشخصية بين أفراده وكذالك توجهاتهم ) .

ولعل من أبسط التعريفات "للثقافة" وأكثرها وضوحاً تعريف أحد علماء الإجتماع المحدثين وهو " روبرت بيرستد " الذي ظهر في أوائل الستينيات حيث عرفها بقوله :

 ( إن الثقافة هي ذالك المركب الذي يتألف من كل ما نفكر به أو نقوم بعمله أو نمتلكه كأعضاء في مجتمع ما ) .

" وهو تعريف للثقافة بمحتواها الفكري و السلوكي والمادي" . 

فإن قلنا : إن الثقافة ( هي مجموع المعلومات التي يقوم عليها نظام حياة أي شعب من الشعوب . فهي على هذا "أسلوب حياته ومحيطه الفكري ونظرته إلى الحياة . ولابد أن تكون خاصة به ونابعة عن ظروفه وإحتياجاته وبيئته الجغرافيا وتطور بلاده التاريخي و الحضاري فهي إذن "محلية" عكس "الحضارة" فقد تكون إقليمية أو عالمية .

( فالثقافة هي ركيزة للحضارة ) . " والثقافة تتفاعل وتنمو " عكس الحضارة فقد تندثر وتموت عندما تصل إلى ذروتها . كما أندثر الكثير من الحضارات القديمة .

رواية ( البؤساء )



لفيكتور هيجو (1802 - 1885م) أديب فرنسا الأول وصاحب الشعبية الأوسع فيها .

 والذي يعتبر ممن ألقى بظلاله على القرن التاسع عشر بأكمله سواء بنتاجه الأدبي أو بموافقه السياسية .
 وكذالك برز في طليعة أدباء عصره وأحد رواد (الحركة الرومنطيقية) .

 قضى هيجو تسعة عشر سنة في المنفى في "بلجيكا" و هناك كتب القسم الأكبر من نتاجه الأدبي وفيها نشر رائعته الأدبية (البؤساء) سنة 1862م. 

جمع المؤلف في روايته القضايا السياسية والتاريخ والمجتمع والواقعية والمثالية والتأملات الفلسفية . وما يدور في نفس الإنسان من تأزم وصراع. 

*
حقيقة رائعة أدبية بمعنى الكلمة . وصف أدبي رفيع و تشدك منذ البداية إلى النهاية . شخصيات الرواية لا تنسى ( جان فالجان ) بطل الرواية ومحركها الأساسي , (كوزيت) , (ماريوس) , (فانتين) ( الشرطي جافير عبد النظام المطيع الذي وصفه في أحد المقاطع بتمثال من الرخام ) . 

ملحمة وضع فيها الكاتب لمرحلة حاسمة من حياة الشعب الفرنسي وثورته.

 (البؤساء) هم جميع فقراء العالم والمظلموين في هذه الأرض هي قصة (الإنسان) وصراعه بين الخير والشر صراع الرغبة والشهوة وسمو النفس عن الرزيلة , صراع الإنتقام والصفح . تحولات الإنسان في حياته وصراعه في هذه الحياة . 

مما زاد في إعجابي بهذه الرواية هي ترجمة
 ( د. سليم خليل قهوجي )

فعلا أبدع في ترجمته ولامس روح النص . فالروايات الأجنبية فقط تنجح وتنال شهرتها والإعجاب بها كما في " لغتها الأم " عندما يقوم مترجم حاذق بترجمتها .

يقال وأقول


يقال : الحرية الحقيقة تكمن في إصلاح أخطائك مع الآخرين ..

عندها ستشعر بالحرية دون الشعور بالذنب أو تأنيب الضمير .

*

وأقول : قد تبدو هذه حكمة رائعة أو كلام جميل منمق ..

أما نصيحتي " لاتفعل " , حتى يشعر الآخرين ..

" بـحريتهم " .
* قررنا أن يمضي كلا في طريقه ..

* وشعرنا بكم هائل من " الغيظ والحسرة " ..

* وافترقنا دون أن يكيل كلاً منا للآخر , 

" سيل من الألفاظ القذرة " ..

* فتأكدنا بأن هذا آخر إثبات " لمرحلة عشق لم تنتهي " .

هل تفضّل المدينة أو البادية ؟


إنه سؤال دقيق للغاية ..

والحياة لا تتسع للإجابة على مثل هذا السؤال الوجودي .. 

أنا مشغول جدا في تقبيل " سيجارتي " وارتشاف كوب

" قهوتي " السوداء .

إلى متى ونحن تحت تأثير هذه " الثنائيات المزدوجة " ؟ .

لابد من حل المسألة في بعد ثالث بعيداً عن "الصواب والخطأ ". 

ربما يكون الجواب هو " احتمال" . 

كم هي غريبة هذه الحياة ! . 
*
 
" حزب القهوة السوداء " .

تقبيل سجارتي

عبثا تتبادلين معي ..
الإدانة و السخرية و العتاب .
مازلت منذ الصباح الباكر ..
وأنا مشغول في تقبيل سجارتي .
لا تلوميني بل الملام " سوء اختيارك " .

أنا في الوقت الحاضر منفتح على " رواية " عني أو عن " الأسلاف " ..
هذا الإنفتاح متصل بالمكان و الزمان . أو قد أكون في " الزمكان " ..
إنها حكاية وكل حكاية معرضة " للتأويل " . تروي حقيقة " مدن الحروف " ..
أكشف فيها عن " ذاتي " أو عن " ذوات " الآخرين . حكاية تروى " عادة " بتخيلات ..
لا تخلو من " أسطورية ومجريات عجائبية " . أنا في مكان الشباب " بطفولية " العقل ..
إنها " رواية " تحس فيها بالتكرار واللاتزامن . مقيدة ومغلقة الأحداث اليومية ..
أنا وأسلافي ندور في حركة دائرية مغلقة بحكم " المكان المحدد " ..
إنها مجرد حالة تذكر " لأيام خلت " , مملوءة بالحنين " والشغف " ..
في هذا البيت " الموحش " نغرق في " خلوتنا " مطلقين فيها العنان " لأحزاننا الأزلية " .
حكاية من الماضي تتداخل فيها أسئلة عدة عن الحكاية الكبرى " ماهي الحياة " ؟ .
فما دمت ترى " مدن حروفي " فذالك يعني حضورك في لحظة قراءتها .
" أنا هنا وهناك " . فابحث عني في " الأثير " القادم إليك . محملا " بشغف " يسميه البعض ..
" الحب " .

الحياة مسرح كبير


( الحياة مسرح كبير )
نجيد فيها لعب الأدوار المركبة .
بالأمس كان لنا دور البطولة ..
واليوم مجرد " كومبارس " ..
وبعد غد " نكنس " خشبة المسرح .
دورة حياة تتشابه فيها " الأقنعة" و الأدوار .
*
أعوذ بالله من الهم والغم . ومن غباء بعض البشر !

رواية " ملائكة بين اللهب "




لفيكتور هوجو زعيم الأدب الفرنسي في القرن التاسع عشر . كاتب رائعة "البؤساء" هاهم البؤساء يعودن مرة أخرى في صراع من نوع آخر بعد الثورة الفرنسية . في حبكة درامية لا يجديها إلا شخصية فذة كفكتور هوجو .


رواية ممتعة مليئة بالأحداث والوقفات وتداخل الصراعات الأنسانية . تتبادل فيها شخوص الرواية الأدوار في مواقف عجيبة غير متوقعة .


صراع " رمزي " بين أبن الأخ الشاب والعم المنتمي لطبقة النبلاء , وأنتمائهم السياسي وصراعهم الدموي الرهيب . صراع بين الجمهورين والنبلاء . وفي خضم هذا الصراع المرير يجد البؤساء "الأم واطفالها" أنفسهم طرف في صراع وحشي لا علاقة لهم به .

أحداث الرواية غير متوقعة . حقيقة رائعة أدبية بمعنى الكلمة تشدك منذ البداية إلى النهاية في ترقب عجيب وتداخل أعجب بين أبطال الرواية ومواقفهم .

في هذه الرواية تبدو مراجعة فيكتور هوجو لأحداث عام 1793م بعد الثورة الفرنسية بأربعة أعوام . والصراع الدائر في مقاطعتي " بريتاني و فنديه " .

القسوة الإستبداد الخضوع التشرد الفقر التضحية تقلب الشخصيات من القسوة إلى الرحمة والعكس كلها تدور في قالب روائي إبداعي من نوع رفيع .

ولاكن ما استوقفني في الرواية هو اشارة فيكتور هوجو لمرارة هذا الصراع وما آلت إليه الأوضاع بعد الثورة فها هو يعبر بمرارة بلغية بإشارة بليغة بقوله ( علم الله ما كان يحدث شيء من هذا لو أن فولتير شنق وأعدم روسو بالمقصلة . في الوقت المناسب . آه من اولئك المفكرين ! فهم أس هذا البلاء ! . وما دام في الدنيا كتاب فهناك التحريض واعمال العنف ..) .

ومن المعلوم أن "فولتير" ينتمي إلى طبقة النبلاء , في حين أن "روسو" كان يعتبر نفسه "بربري" متعلق بالطبيعة والبساطة , بالإضافة إلى أن "روسو" ليس فرنسيا بل هو سويسري لا يجيد الكتابة بالفرنسية بشكل جيد دون أخطاء .

وطالما كان "روسو" موضع تهكم من قبل "فولتير" بوصفه "بربري" وسخر من لغته " الأولوبروجية" وتهكمه على رواية "جولي أو هيلوييز الجديدة" والتي اصبحت بعد ذالك من أكثر الكتب مبيعا .

ولاكن "بربرية روسو وقرويته " أكسبته هامش كبير للكتابة وخصوصية ميزته عن باقي الفلاسفة والمفكرين الفرنسيين . فانتقد القوانين الفرنسية بالعمق . وأصبح الأصل الغريب الذي أظهره "روسو" وصورة سويسرا الريفية في نظر الفرنسين علامة النقاء والأصالة. مما مكن لروسو من وضع قرويته في مواجهة الحذلقة والصفاء الباريسي المخملي . والذي حدث أن أفكار "روسو" ظلت ملهمة للشعب "الفرنسي" ومن أهم أسباب قيام الثورة الفرنسية على المستوى الفكري " فالعقد الإجتماعي" لروسو أصبح دستورا للجمهورية الفرنسية . وكرم الشعب الفرنسي "جان جاك روسو" كأحد عظماء فرنسا بشكل رمزي وذالك بدفنه في " البانتيون " مدفن عظماء فرنسا ليرقد صدفة أمام "فولتير" .
*


 وفي كتابه " الرواية التاريخية " أثار " جورج لوكاش " مناقشة عميقة حول أن الرواية ( وهي شكل أدبي نبع من لا واقعية الطموح والفنتازيا ) هي شكل من ( التشرد التصعيدي ) , ورأى " لوكاش " أن الملاحم الكلاسيكية تنبثق من ثقافات " مستقرة " حيث القيم واضحة والهويات " ثابتة " والحياة لا تتبدل , الرواية الأوربية تنهض من تجربة معاكسة حول مجتمع متبدل حيث يسعى البطل ( المنتمي إلى الطبقة الوسطى ) إلى بناء عالم جديد يشبه بعض الشيء العالم القديم الذي جرى التخلي عنه . ولاكن الرواية توجد لأنه قد توجد عوالم أخرى هي بدائل يحتاجها البرجوازي والجوال والمنفي . [ القدس العربي ]  
*

وفي الختام هل "تأكل الثورة أبنائها " هذا ما تجيب عليه الرواية في ختامها .

رواية ( نهاية حب ) - للكاتب الروسي " ليو تولوستوي "





هو ( الكونت ليف نيكولايافيتش تولوستوي ) . (1829م ـ 1910م) . من أعمدة الأدب الروسي في القرن التاسع عشر . ومن أعظم الروائين في نظر البعض .كان روائيا و مصلحا اجتماعيا وداعية سلام وكان مفكرا أخلاقيا .
من أشهر أعماله ( الحرب والسلام و آنا كارنينا ) وهاتين الروايتين تتربعان على قمة الأدب الواقعي . فهما تعطيان صورة واقعية عن الحياة الروسية في ذالك الزمن .
وكان ( ليو تولوستوي ) يكن احتراما خاصا " للأدب العربي " والثقافة العربية وأطلع على العديد من الحكايات العربية وذكر أنها تركت في نفسه أثرا كبيرا .
كفيلسوف أخلاقي اعتنق " تولوستوي " ( أفكار المقاومة السلمية النابذة للعنف ) وتبلور ذالك في كتاب ( مملكة الرب بداخلك ) وهو العمل الذي أثر على مشاهير القرن العشرين مثل ( غاندي و مارتن لوثر كينج ) .
*
وأشهر أعماله في آواخر حياته ( رواية البعث ) . واشتهرت أعماله بالجدية والعمق والطرافة والجمال .
ــــــــــ
رواية ( نهاية حب )
ــــــــــ
تتحدث عن الحب و فلسفة الأخلاق . وتقع أحداثها في بلاد ( القوقاز ) الروسية , والمختلفة اختلافا شاسعا عن طبائع بلاد الروس " موسكو " . وتبدأ القصة حينما تحل كتيبتان من الجيش الروسي للإقامة في هذه المنطقة . ومن ظمنهم " الأرستقراطي " النبيل صاحب الثروة " أولينين " بطل القصة ومحركها الأساسي . الذي يقع في حب فتاة قوقازية بسيطة (ماريانكا) " رائعة الجمال " وهكذا تبدأ الأحادث في سرد أدبي " غاية في الروعة " .
تغوص في التفاصيل الدقيقة لحياة القوقازيين دون شعورك بالملل على العكس من غالبية الأعمال . وسيذهب بك " تولوستوي " مع المناظر الطبيعة لغابات القوقاز في فلسفة " صراع " أخلاقي حول الحياة وصراع النفس وحب التملك والإيثار والعطاء . ومحاولة تغيير ما أعتدنا العيش عليه طوال حياتنا .
في مثل هذا المكان الجميل الغني بالطبيعة يبدأ تولوستوي في طرح آرائه " الفلسفية الأخلاقية " وناقدا بشكل غير مباشر " للإلحاد" المتفشي في صراع فكري مع النفس وقيمة الحياة .
( ما أنا فيه الآن هو السعادة الحقيقية ولاشك . إن السعادة الحقة في أن يحيا المرء لسواه لا لنفسه , هذه حقيقة لا ريب فيها . إن الشوق إلى السعادة شوق أصيل في قلب كل إنسان . فالسعادة هي الهدف المشروع للحياة , ولاكن هذا الهدف إذا جرب الإنسان تحقيقه بالسعي إلى المنفعة الشخصية واشباع مطامع الثروة والجاه والنفوذ والترف والعشق , فإنه يتعرض لما يحول دون تحقيق هذه الرغبات فينجم عن ذالك شقاء كبير . لماذا ؟ لأن هذه الرغبات والمطامع ليست هي الأهداف الحقيقية الشرعية للإنسان ) .
وهكذا تذهب بنا هذه الرواية نحو أسئلة " عميقة " تترسخ في لاوعي الإنسان على شكل أسئلة في حاجة لجواب ! وفي النهاية تترك الكثير من الأسئلة وعلامات الإستفهام .

عربدات شيطانية


من المؤسف جداً ..
أن تقتحمي حياتي بشكلٍ مفاجئ .. 
وترحلين كذالك بشكلٍ مفاجئ ..
*
وقد كنت سعيداً جداً ..
بعزلتي الأبدية .. 
حتى هتكتي أستارها ..
بعربداتك الشيطانية ..
وتركتي خلفك أشلائي ممزقةً ..
كورقة بالية .

بوشكين





منذ قرنين من الزمن أهدى للعالم " بوشكين " . في السادس والعشرين من مايو عام 1799م ولد ألكسندر سيرجيفيتش بوشكين , من أسرة عريقة من طبقة النبلاء , وسرعان ما فقدت هذه الأسرة عزها ونفوذها فتركت الأسرة أمر تربية الطفل الجديد إلى الخدم والمربيين الأجانب , وتكفل تعليمه الفرنسي الطابع إدخاله إلى عالم الكلاسكيين الفرنسيين وموسوعي القرن الثامن عشر , وكان لمربيته العجوز دور هام في إدخال بوشكين إلى عالم الخيال والقصص الشعبي والأساطير مما أثر في تكوينه الثقافي واتجاهه الأدبي لاحقا . وكذالك كان هناك دور هام لمربيه دور هام حين كان يأخذه ويطوف به في شوارع موسكو وأحياءها والأعياد الشعبية حيث الحياة ولغة الشارع التي كاد أن ينساها في صالونات أبيه الأرستقراطية .
ونمت موهبة "بوشكين " الأدبية بفضل إطلاعه على كلاسيكيات الأدب الأوربي والروسي معاً . وتكمن أهمية "بوشكين" الأدبية كما يؤكد "لوناتشارسكي" بقوله ( إن ما فعله "دانتي وبترارك " من أجل إيطاليا , وعمالقة القرن السابع عشر من أجل فرنسا , و "ليسنج و شيللر وجوته " من أجل ألمانيا , فعله " بوشكين " من أجل روسيا ) . 
وكانت مهمة بوشكين هي تمهيد الأرض الروسية وإعدادها إلى الأبد لأدب فني بحيث يملك الأدب الروسي فيما بعد إمكانية عن أي اتجاه وأي تأمل , دون أن يخشى الخروج عن حظيرة الأدب , كما عبر " بيلينسكي " . 
وقد ظهر إبداع "بوشكين" كمرحلة جديدة في المعرفة الفنية وسببت أعماله الإزدهار العارم للأدب الروسي في القرن التاسع عشر . وظهر كمؤسس مرحلي في هذا الأدب , وكل الأدباء الروس المشهورين جاءوا بعده , جوجول كان تلميذه , دوستوسفكي و تشيخوف و تولستوي تأثروا به , أما الشعراء فقد أصبحوا يوزنون به , وحتى من سبقه أو كان من أساتذته كـ "جوكوفسكي" فقد أصبح ينسب إلى عصره . 
كان الشعر الروسي قبل بوشكين "غرساً لنباتات منقولة من أرض أجنبية " , فخلق بوشكين التعبير الشعري عن أفكار الشعب وآرائه وأحاسيسه . في نفس الوقت الذي خلق متطلبات التطور المقبل للثقافة الروسية . وتغلب بوشكن بعبقريته على اللغة الأدبية للقرن التاسع عشر ذات الطابع الكلاسيكي المحافظ على تقاليد الأدب القديمة , وبلغته المصطنعة الكئيبة المتعالية الذي كرس نفسه من أجل الأرستقراطية الحاكمة وتسليتها . والغارق في تفاصيل المفهوم الجمالي الأدبي الروسي والدور التربوي للفن وتأثيره على الفرد .
فجاء "بوشكن" وجعل الحياة هي مصدر الأدب الحقيقي , وكشف عن الشعر الكامن في الواقع , ورأى أن الأدب يصبح ممكناً فحسب بإعتباره ( أدب الواقع ) . وكان أدبه غريباً على كل ماهو " حالم ومثالي وكاذب وضبابي " , فأصبح شعره مشبعاً حتى الأعماق " بروح الواقع " , وأحل بدلا من تلك اللغة المتعالية لغة أقرب إلى لغة الشعب بسيطة تختزن آلاف الصور , وأسكن الأساطير والأغاني الشعبية والأبطال الشعبيون في شعره , وأمتلك الجرأة ليجعل من عواطف الإنسان المغمور موضوعاً للشعر كما في ملجمته الشعرية الرائعة الشهيرة " الغجر " . 
وكان "بوشكين" موسوعي الإطلاع على ثقافة الأمم الأخرى و قد تأثر بالعالم العربي وآدابه وترجم القرآن شعراً إلى لغته الروسية ومما كتب : 
*
أقسم بالشفع والوتر .. أقسم بالسيف وبالحرب المحقة .. أقسم بنجمة الصباح .. أقسم بصلاة المساء .. 
*
لا أنا لم أهجرك .. من ترى في ظل الطمأنينة .. أدخلت محبا , شخصه .. وحميت من العسف المبين ؟ .. ألست أنا من يوم السغب .. من سقاك مياها صحراوية ؟ .

رواية أنا كارنينا لـ ليو تولستوي






تأتي هذه الرواية في المرتبة الثانية زماناً ومرتبةً بعد الرواية الأخرى الشهيرة " الحرب والسلم " , وهاتان الروياتان وضعتا "تولستوي" في مصاف مفكري ومبدعي العالم . 
وتعتبر هذه الرواية من أكثر الروايات المثيرة للجدل , وكتب عنها الكثير , ولكن عند قرأتي للرواية تسائلت : لماذا اختار "تولستوي" شخصية "أنا كارنين " ذات الجمال الباهر الذي لا يقاوم , ولماذا اختار لها هذه النهاية المأساوية "الإنتحار" .
ظل هذه السؤال لغز بالنسبة لي حتى قرأت كتاب "اعترافات تولستوي" , فأصبحت الرواية واضحة المعالم ولماذا هذا المصير "لـ أنا كارنين" ولماذا هذا الإنجارف في الحب المدمر بينها وبين "فرونسكي" . 
ولماذا ركز "تولستوي" على شخصية " ليفين " في بداية الرواية ثم تختفي هذه الشخصية إلى ما قبل النهاية عندما يلتقي "ليفين " بآنا كارنين " . 
رواية "آنا كارنينا" بدون شخصية "ليفين" تعتبر من اعظم قصص الحب , ولكن ما الداعي لوجود شخصية "ليفين" حتى يبدو أن الرواية قصتان منفصلتان "ليفين" وحبه لـ "كيتي" و "وآنا وزوجها كارنين وعشيقها فرونسكي , وما هي العلاقة التي تربط بين "ليفين " و "أنا" ؟ ! .
وتجيب على هذه الأسئلة الكاتبة " هيلين أدمنسون " أثناء بحثها وإعدادها لرواية "أنا كارنينا" للمسرح فتقول متسائلة ( ثمة شخصيتان توجه أحدهما الآخر خلال الرحلة نفسها , من أجل العثور على الحقيقة في ذاتيهما , على الرغم من انهما تقدمان إجابات متباينة , عبر قصتيهما يمكننا ان نعي كم هو ضروري التسليم بمبادئ الطرف الآخر , "آنا" تجد ذالك الشيء في في الحب ككل , فيما يجده "ليفين" في " أن يحيا من أجل روحه " , وسبب اختيار "ليفين" لمنهج التحكم في عواطفه هو سعيه لأن يحيا عالمه ويكتشف الكثير عن "جوهر الحياة" , و"أنا" تريد أن يكون كل شيء بمثابة استجابة لقلبها , وهذا لا يعني أن إحدى الشخصيتين تحب بدرجة أقل أو أكثر من الأخرى , بل كلاً منهما يحب ولكن بطريقة مغايرة ) . 
*
اما بعد قراءة "اعترافات تولستوي" فيتضح أن كل هذه الشخصيات تمثل مراحل عمر "تولستوي" نفسه , وتمثل آراءه وتقلباته الفكرية والروحية , يقول تولستوي معترفاً : حول سؤال واجهه طوال حياته في "معنى الحياة" وهل هي شر مطلقاً وكيف يواجه الناس هذا الخطر الداهم ألا وهو "الموت" المتربص بنا "كالوحش الكاسر" ويوضح أن للناس أربعة وسائل لمواجهة "حقيقة الحياة" وهو ما سلكه تولستوي فعلياً في حياته المتقلبة بإستثناء خيار واحد وهو "الإنتحار" الذي اختاره لـ "أنا كارنينا" في هذه الرواية . 
وهذه الوسائل في مواجهة الحياة هي مواجهة الحياة " بالجهل" وهذا ما عليه معظم الناس فهم لا يدركون معنى الحياة فيأخذون من متع الحياة ولذاتها إلى حين . 
و وسيلة الهرب الثانية هي "الشهوانية و عبادة الأهواء الجامحة " وهو ما عليه الحال لدى طبقة "النبلاء" ومنهم "أوبلنسكي" أخو "أنا" و "فرونسكي" ومعظم شخصيات هذه الرواية , وحتى "تولستوي" شطراً من حياته . 
والوسيلة الثالثة لمواجهة هذه "الحياة" هو طريق "القوة والعزم" وتأمر بوضع حد للحياة بعد معرفة شرها وبطلانها , وباعترافه بقلة هذا الفئة فيقول ( قد رأيت هذه الوسيلة الثالثة للهروب من الحياة هي الأفضل و وددت لو في طوقي أن أفعلها ) . فجبن عن فعلها لسبب ما في حياته , واختاره لـ " أنا كارنينا " . 
والوسيلة الرابعة هي "الضعف" وانتظار طريقة ما تريحهم من شر الحياة , واعترف بانه أحد هؤلاء الضعفاء المغلوب على امرهم , وهكذا خلق "تولستوي" عاهرة وأحبها وأختار لها ما حلم بفعله طوال حياته .