الأربعاء، 16 أكتوبر 2013

رواية " ملائكة بين اللهب "




لفيكتور هوجو زعيم الأدب الفرنسي في القرن التاسع عشر . كاتب رائعة "البؤساء" هاهم البؤساء يعودن مرة أخرى في صراع من نوع آخر بعد الثورة الفرنسية . في حبكة درامية لا يجديها إلا شخصية فذة كفكتور هوجو .


رواية ممتعة مليئة بالأحداث والوقفات وتداخل الصراعات الأنسانية . تتبادل فيها شخوص الرواية الأدوار في مواقف عجيبة غير متوقعة .


صراع " رمزي " بين أبن الأخ الشاب والعم المنتمي لطبقة النبلاء , وأنتمائهم السياسي وصراعهم الدموي الرهيب . صراع بين الجمهورين والنبلاء . وفي خضم هذا الصراع المرير يجد البؤساء "الأم واطفالها" أنفسهم طرف في صراع وحشي لا علاقة لهم به .

أحداث الرواية غير متوقعة . حقيقة رائعة أدبية بمعنى الكلمة تشدك منذ البداية إلى النهاية في ترقب عجيب وتداخل أعجب بين أبطال الرواية ومواقفهم .

في هذه الرواية تبدو مراجعة فيكتور هوجو لأحداث عام 1793م بعد الثورة الفرنسية بأربعة أعوام . والصراع الدائر في مقاطعتي " بريتاني و فنديه " .

القسوة الإستبداد الخضوع التشرد الفقر التضحية تقلب الشخصيات من القسوة إلى الرحمة والعكس كلها تدور في قالب روائي إبداعي من نوع رفيع .

ولاكن ما استوقفني في الرواية هو اشارة فيكتور هوجو لمرارة هذا الصراع وما آلت إليه الأوضاع بعد الثورة فها هو يعبر بمرارة بلغية بإشارة بليغة بقوله ( علم الله ما كان يحدث شيء من هذا لو أن فولتير شنق وأعدم روسو بالمقصلة . في الوقت المناسب . آه من اولئك المفكرين ! فهم أس هذا البلاء ! . وما دام في الدنيا كتاب فهناك التحريض واعمال العنف ..) .

ومن المعلوم أن "فولتير" ينتمي إلى طبقة النبلاء , في حين أن "روسو" كان يعتبر نفسه "بربري" متعلق بالطبيعة والبساطة , بالإضافة إلى أن "روسو" ليس فرنسيا بل هو سويسري لا يجيد الكتابة بالفرنسية بشكل جيد دون أخطاء .

وطالما كان "روسو" موضع تهكم من قبل "فولتير" بوصفه "بربري" وسخر من لغته " الأولوبروجية" وتهكمه على رواية "جولي أو هيلوييز الجديدة" والتي اصبحت بعد ذالك من أكثر الكتب مبيعا .

ولاكن "بربرية روسو وقرويته " أكسبته هامش كبير للكتابة وخصوصية ميزته عن باقي الفلاسفة والمفكرين الفرنسيين . فانتقد القوانين الفرنسية بالعمق . وأصبح الأصل الغريب الذي أظهره "روسو" وصورة سويسرا الريفية في نظر الفرنسين علامة النقاء والأصالة. مما مكن لروسو من وضع قرويته في مواجهة الحذلقة والصفاء الباريسي المخملي . والذي حدث أن أفكار "روسو" ظلت ملهمة للشعب "الفرنسي" ومن أهم أسباب قيام الثورة الفرنسية على المستوى الفكري " فالعقد الإجتماعي" لروسو أصبح دستورا للجمهورية الفرنسية . وكرم الشعب الفرنسي "جان جاك روسو" كأحد عظماء فرنسا بشكل رمزي وذالك بدفنه في " البانتيون " مدفن عظماء فرنسا ليرقد صدفة أمام "فولتير" .
*


 وفي كتابه " الرواية التاريخية " أثار " جورج لوكاش " مناقشة عميقة حول أن الرواية ( وهي شكل أدبي نبع من لا واقعية الطموح والفنتازيا ) هي شكل من ( التشرد التصعيدي ) , ورأى " لوكاش " أن الملاحم الكلاسيكية تنبثق من ثقافات " مستقرة " حيث القيم واضحة والهويات " ثابتة " والحياة لا تتبدل , الرواية الأوربية تنهض من تجربة معاكسة حول مجتمع متبدل حيث يسعى البطل ( المنتمي إلى الطبقة الوسطى ) إلى بناء عالم جديد يشبه بعض الشيء العالم القديم الذي جرى التخلي عنه . ولاكن الرواية توجد لأنه قد توجد عوالم أخرى هي بدائل يحتاجها البرجوازي والجوال والمنفي . [ القدس العربي ]  
*

وفي الختام هل "تأكل الثورة أبنائها " هذا ما تجيب عليه الرواية في ختامها .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق