الأربعاء، 16 أكتوبر 2013

رواية أنا كارنينا لـ ليو تولستوي






تأتي هذه الرواية في المرتبة الثانية زماناً ومرتبةً بعد الرواية الأخرى الشهيرة " الحرب والسلم " , وهاتان الروياتان وضعتا "تولستوي" في مصاف مفكري ومبدعي العالم . 
وتعتبر هذه الرواية من أكثر الروايات المثيرة للجدل , وكتب عنها الكثير , ولكن عند قرأتي للرواية تسائلت : لماذا اختار "تولستوي" شخصية "أنا كارنين " ذات الجمال الباهر الذي لا يقاوم , ولماذا اختار لها هذه النهاية المأساوية "الإنتحار" .
ظل هذه السؤال لغز بالنسبة لي حتى قرأت كتاب "اعترافات تولستوي" , فأصبحت الرواية واضحة المعالم ولماذا هذا المصير "لـ أنا كارنين" ولماذا هذا الإنجارف في الحب المدمر بينها وبين "فرونسكي" . 
ولماذا ركز "تولستوي" على شخصية " ليفين " في بداية الرواية ثم تختفي هذه الشخصية إلى ما قبل النهاية عندما يلتقي "ليفين " بآنا كارنين " . 
رواية "آنا كارنينا" بدون شخصية "ليفين" تعتبر من اعظم قصص الحب , ولكن ما الداعي لوجود شخصية "ليفين" حتى يبدو أن الرواية قصتان منفصلتان "ليفين" وحبه لـ "كيتي" و "وآنا وزوجها كارنين وعشيقها فرونسكي , وما هي العلاقة التي تربط بين "ليفين " و "أنا" ؟ ! .
وتجيب على هذه الأسئلة الكاتبة " هيلين أدمنسون " أثناء بحثها وإعدادها لرواية "أنا كارنينا" للمسرح فتقول متسائلة ( ثمة شخصيتان توجه أحدهما الآخر خلال الرحلة نفسها , من أجل العثور على الحقيقة في ذاتيهما , على الرغم من انهما تقدمان إجابات متباينة , عبر قصتيهما يمكننا ان نعي كم هو ضروري التسليم بمبادئ الطرف الآخر , "آنا" تجد ذالك الشيء في في الحب ككل , فيما يجده "ليفين" في " أن يحيا من أجل روحه " , وسبب اختيار "ليفين" لمنهج التحكم في عواطفه هو سعيه لأن يحيا عالمه ويكتشف الكثير عن "جوهر الحياة" , و"أنا" تريد أن يكون كل شيء بمثابة استجابة لقلبها , وهذا لا يعني أن إحدى الشخصيتين تحب بدرجة أقل أو أكثر من الأخرى , بل كلاً منهما يحب ولكن بطريقة مغايرة ) . 
*
اما بعد قراءة "اعترافات تولستوي" فيتضح أن كل هذه الشخصيات تمثل مراحل عمر "تولستوي" نفسه , وتمثل آراءه وتقلباته الفكرية والروحية , يقول تولستوي معترفاً : حول سؤال واجهه طوال حياته في "معنى الحياة" وهل هي شر مطلقاً وكيف يواجه الناس هذا الخطر الداهم ألا وهو "الموت" المتربص بنا "كالوحش الكاسر" ويوضح أن للناس أربعة وسائل لمواجهة "حقيقة الحياة" وهو ما سلكه تولستوي فعلياً في حياته المتقلبة بإستثناء خيار واحد وهو "الإنتحار" الذي اختاره لـ "أنا كارنينا" في هذه الرواية . 
وهذه الوسائل في مواجهة الحياة هي مواجهة الحياة " بالجهل" وهذا ما عليه معظم الناس فهم لا يدركون معنى الحياة فيأخذون من متع الحياة ولذاتها إلى حين . 
و وسيلة الهرب الثانية هي "الشهوانية و عبادة الأهواء الجامحة " وهو ما عليه الحال لدى طبقة "النبلاء" ومنهم "أوبلنسكي" أخو "أنا" و "فرونسكي" ومعظم شخصيات هذه الرواية , وحتى "تولستوي" شطراً من حياته . 
والوسيلة الثالثة لمواجهة هذه "الحياة" هو طريق "القوة والعزم" وتأمر بوضع حد للحياة بعد معرفة شرها وبطلانها , وباعترافه بقلة هذا الفئة فيقول ( قد رأيت هذه الوسيلة الثالثة للهروب من الحياة هي الأفضل و وددت لو في طوقي أن أفعلها ) . فجبن عن فعلها لسبب ما في حياته , واختاره لـ " أنا كارنينا " . 
والوسيلة الرابعة هي "الضعف" وانتظار طريقة ما تريحهم من شر الحياة , واعترف بانه أحد هؤلاء الضعفاء المغلوب على امرهم , وهكذا خلق "تولستوي" عاهرة وأحبها وأختار لها ما حلم بفعله طوال حياته .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق